**قصة أيوب: الامتحان والألم والرجاء**
في أرض عوص، كان هناك رجلٌ بارٌ يُدعى أيوب، رجل كامل ومستقيم، يتقي الله ويحيد عن الشر. كان أيوب غنيًا جدًا، له قطعان كثيرة من الإبل والغنم والبقر، وعبيدٌ لا يُحصَون، وكان له أولادٌ كثيرون. لكن في يومٍ من الأيام، اختبر الله إيمان أيوب، فأذِن للشيطان بأن يأخذ كل ما يملك، ثم ضربه بمرضٍ مؤلمٍ جدًا حتى جلس بين الرماد يحك جلوه بقطعة من الفخار.
وفي وسط آلامه، جاء أصدقاؤه ليعزوه، لكنهم بدلًا أن يخففوا عنه، أخذوا يوبخونه، متهمين إياه بأن خطاياه هي سبب كل ما أصابه. فانفجر أيوب بحزنٍ عميقٍ، وقال لهم:
**”لقد سمعت مثل هذا الكلام مرارًا! أنتم معزون مسببو الأوجاع! أما تنتهون من كلامكم الباطل؟ لو كنت مكانكم، كنتُ أتقوّى بالكلام لأشجّعكم، لكنكم تزيدون جراحي عمقًا!”**
ثم التفت أيوب إلى الله، وقال:
**”الآن قد أتعبتني، يا رب. لقد جعلت كل من حولي يشهدون ضدّي. لقد قبضت عليّ بقسوة، وجعلت أعدائي ينظرون إليّ ساخرين. لقد سلّمتني بيد الأشرار، وحطّمتني تمامًا!”**
كان أيوب يشعر وكأن الله قد تركه، وكأن السماء صارت نحاسًا لا تسمع صراخه. ومع ذلك، في وسط ظلام اليأس، كانت شعلة الرجاء لا تزال متقدة في قلبه. فنظر إلى السماء وقال:
**”لكنّي أعلم أن لي شفيعًا في العلاء! وإن مزّق جسدي هذا المرض، فسيأتي يومٌ وأقف أمام الله، وسأراه بعينيّ أنا لا بعيون غيري!”**
كان أيوب يؤمن بأن الله عادلٌ، وأنه في النهاية سينصفه. نعم، لقد تألم كثيرًا، لكن إيمانه لم يمت. كان يعرف أن الألم مؤقت، وأن عدل الله أبدي.
وهكذا، بين الدموع والرماد، بين الألم والرجاء، ظل أيوب ثابتًا، منتظرًا خلاص الرب. لأنه علم أن الله، حتى وإن بدا صامتًا الآن، فهو لا يتخلى عن أتقيائه إلى الأبد.
**فهل نتعلم من أيوب أن نثبت في الإيمان، حتى في أحلك الليالي؟**