الكتاب المقدس

رؤيا حزقيال ورسالته إلى بني إسرائيل

**حزقيال والدعوة النبوية**

في السنة الخامسة من سَبي الملك يهوياكين، بينما كنتُ جالساً عند نهر خابور في أرض الكلدانيين، انفتحت السماوات، فرأيتُ رؤى إلهية. وإذا بريح عظيمة هبَّت من الشمال، تحمل معها سحابة عظيمة متَّقدة بنار، وحولها هالة من النور. ومن وسط تلك النار، ظهرت شبه أربعة مخلوقات حية، كما رأيتُ من قبل في الرؤى. فوق رؤوسها، كان عرشٌ من العقيق الأزرق، وعلى شبه العرش، صورة إنسان جالس عليه.

وكان حوله بهاءٌ كالنحاس المصهور، ونورٌ يحيط به كقوس قزح في يوم ماطر. فسقطتُ على وجهي، لأن مجد الرب كان لا يُحتمل. فسمعتُ صوتاً يتكلم معي: **”يا ابن آدم، قم على قدميك فإني أكلمك.”**

فدخل فيَّ روحٌ وقام بي، فسمعتُ صوت الرب يقول لي: **”يا ابن آدم، إني أرسلك إلى بني إسرائيل، إلى أمة متمردة قد تمردت عليَّ. هم وآباؤهم قد تعدَّوا عليَّ إلى هذا اليوم. والأبناء قساة الوجوه، غلاظ القلوب، أنا أرسلك إليهم فتقول لهم: هكذا قال السيد الرب.”**

ثم مدَّ يده وأعطاني درجاً مكتوباً من الداخل والخارج، وعليه كلامٌ من نوحٍ ورثاءٍ وويل. وقال لي: **”يا ابن آدم، كل ما تجده فكُلْه. املأ جوفك بهذا الدرج.”** ففتحتُ فمي فأطعمني إياه، فصار في فمي كالعسل حلاوة. ثم قال: **”يا ابن آدم، اذهب إلى بيت إسرائيل وأُلقِ إليهم كلامي. لأنهم ليسوا مستعدين أن يسمعوا منك، فهم بيتٌ معاند. لكن لا تخف منهم ولا تخشى كلامهم، لأنهم شوكٌ وحسكٌ حولك، وهم ساكنون بين العقارب. فلا تخف من وجوههم ولا ترتعب أمامهم، لأنهم بيت متمرد.”**

ثم أمرني أن لا أكون متمرداً كبيت إسرائيل، بل أفتح فمي وأكلّمهم بما يأمرني به الرب. وقال لي: **”اسمع أنت ما أقوله لك. لا تكن متمرداً مثلهم. افتح فمك وكُل ما أعطيك.”**

فنظرتُ وإذا بيدٍ ممدودةٍ إليَّ، وفيها سفرٌ. فَطَوَاهُ أمامي، وكان مكتوباً من الداخل والخارج، مملوءاً بالرثاء والنوح والويل.

فأخذني الروح وسمعتُ خلفي صوت دويٍّ عظيمٍ قائلاً: **”تبارك مجد الرب من مكانه!”** وسمعتُ صوت أجنحة المخلوقات الحية تصطكُّ بعضها ببعض، وصوت العجلات بجانبها، صوت دويٍّ شديد. فارتفع الروح وحملني، فذهبتُ وأنا مرٌّ في حشا روحي، ويد الرب كانت عليَّ شديدة.

فجئتُ إلى المسبيين عند نهر خابور، إلى حيث كانوا ساكنين، ولبثتُ بينهم سبعة أيامٍ مذهولاً.

وبعد السبعة الأيام، جاءت كلمة الرب إليَّ قائلة: **”يا ابن آدم، قد جعلتك رقيباً لبيت إسرائيل، فاسمع الكلام من فمي وأنذرهم من قِبَلي.”**

فأدركتُ أن الرب قد جعل عليَّ مسؤولية عظيمة، أن أكون ناطقاً بكلمته، سواء سمعوا أو امتنعوا، لأنهم يعلمون أن نبيّاً كان بينهم. وأما أنا، فكان عليَّ أن أطيع صوت الرب، وأكرز بما يأمرني، دون خوفٍ من وجوههم المتمردة.

وهكذا بدأت رحلتي كرسولٍ للرب بين شعبٍ قاسي القلب، لكن يدي الرب كانت معي، تقويني في كل خطوة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *