**قصة النبي هوشع والإعلان عن محبة الله الغافرة**
في تلك الأيام، عندما كانت مملكة إسرائيل الشمالية قد سقطت في شرك الخطيئة والعبادة الوثنية، أرسل الله النبي هوشع ليكون مرآة تعكس علاقة الله بشعبه المتمرد. كانت كلمات الرب تتردد في قلب هوشع، لكنها لم تكن مجرد كلمات، بل كانت صرخة حب غافرة تدعو الشعب العاصي إلى التوبة.
### **الخيانة والعقاب**
كان الشعب قد ابتعد عن الرب، متجهًا إلى عبادة البعل، معتقدًا أن الآلهة الكاذبة ستمنحهم الخصب والبركة. لكن الرب، بلسان هوشع، كشف عن خيانتهم قائلًا:
*”مَا أَصْدَقَ حُبَّكُمْ؟ إِنَّكُمْ كَالسَّحَابِ الصَّبَاحِ، كَالنَّدَى الَّذِي يَزُولُ بِسُرْعَةٍ!”* (هوشع 6: 4).
فقد كان إيمانهم سطحيًا، يتلاشى عند أول اختبار. كانوا يأتون إلى الهيكل بتقدمات وذبائح، لكن قلوبهم كانت بعيدة عن الرب. لقد نسوا أن الله لا يريد الذبائح الخارجية بقدر ما يريد القلب المنسحق والتائب.
### **الدعوة إلى التوبة الحقيقية**
لكن وسط هذا الجحود، لم يتخلَّ الرب عن شعبه. بل دعاهم إلى توبة حقيقية، قائلًا:
*”هَلُمَّ نَرْجِعْ إِلَى الرَّبِّ! فَهُوَ الَّذِي مَزَّقَنَا وَهُوَ يَشْفِينَا، ضَرَبَنَا وَهُوَ يَعْصِبُ جِرَاحَنَا.”* (هوشع 6: 1).
كانت هذه الدعوة تعلن أن العقاب الذي حلَّ بهم لم يكن بهدف الإهلاك، بل ليقودهم إلى الرجوع. فالله كالأب الذي يؤدب أولاده لكي يعودوا إليه.
### **الوعد بالقيامة والشفاء**
وأعلن هوشع بوحي من الله:
*”بَعْدَ يَوْمَيْنِ يُحْيِينَا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُقِيمُنَا، فَنَحْيَا أَمَامَهُ.”* (هوشع 6: 2).
هذه النبوة لم تكن فقط عن شفاء إسرائيل الزمني، بل كانت إشارة إلى قيامة المسيح في اليوم الثالث، حيث يُقيم الله شعبه إلى حياة جديدة.
### **المعرفة الإلهية أفضل من الذبائح**
ثم أكد الرب أن ما يريده هو معرفته حقًا، لا مجرد طقوس فارغة:
*”فَإِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، وَمَعْرِفَةَ اللهِ أَكْثَرَ مِنْ مُحْرَقَاتٍ.”* (هوشع 6: 6).
فالمحبة والرحمة والعدل هي ما يسرّ الرب، وليس مجرد تقديم الذبائح بقلوب قاسية.
### **الختام: رجاء رغم الخيانة**
رغم خيانة الشعب، ظل الرب وفياً. فقد أعلن هوشع أن الله سيعيد بناء ما دمّروه بخطاياهم، وسيشفي قلوبهم المكسورة. فمحبة الله تفوق كل خيانة، ورحمته تتجاوز كل عقاب.
وهكذا، بقيت كلمات هوشع تتردد عبر الأجيال، تذكيرًا بأن الرب يدعو شعبه دائمًا إلى العودة إليه، لأنه هو الشافي والغافر.