الكتاب المقدس

وصية بطرس للرعاة والمؤمنين في زمن الاضطهاد

**قصة من رسالة بطرس الأولى: الأصحاح الخامس**

في أيام الاضطهاد العظيم الذي حلَّ على المؤمنين في آسيا الصغرى، كتب الرسول بطرس، شيخٌ بين الشيوخ وشاهدٌ لآلام المسيح، رسالةً ملؤها الحكمة والرعاية ليرفع من همم القادة والمؤمنين. وكان الأصحاح الخامس من هذه الرسالة بمثابة وصية أخيرة من راعٍ عظيم إلى رعاة القطيع الأمين.

### **الوصية للشيوخ والرعاة**

في مدينة روما، حيث كان بطرس يقود الكنيسة وسط الاضطهاد، اجتمع الشيوخ والقادة في مكان سري تحت جنح الظلام. كان الهواء ثقيلاً برائحة الخوف، لكن قلوبهم اشتعلت بإيمان لا يخبو. تذكر بطرس أيامه مع الرب يسوع، كيف غسل له قدميه، وكيف أوصاه: “ارعَ خرافي.” فرفع صوته الهادئ لكنه الثابت وقال:

“أيها الشيوخ، أنا الشيخ مثلكم، وشاهدٌ لآلام المسيح، وشريك في المجد العتيد أن يُستعلن. ارعوا رعية الله التي بينكم، لا بالإكراه بل بالاختيار، ولا لربحٍ دنيويٍ بل بنية صافية.”

تطلع إلى عيونهم المتعبة، فرأى فيها جهاد الأيام الطويلة في الخدمة. فأضاف: “لا تكونوا متسلطين على الذين أُوكلوا إليكم، بل كونوا قدوة للقطيع. وعندما يأتي رئيس الرعاة، ستنالون إكليلاً من المجد لا يذبل.”

### **الوصية للشباب والمؤمنين**

ثم التفت بطرس إلى الشباب الواقفين على الأطراف، وجوههم متأججة بالحماس، لكن بعضهم كان يحمل في عينيه شكوكاً من شدة التجارب. فمدّ يده المليئة بالندوب من جراء خدمته وقال:

“أيها الشباب، اخضعوا للشيوخ، وكونوا جميعاً خاضعين بعضكم لبعض. البسوا ثوب التواضع، لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة.”

توقف للحظة، ثم أضاف بصوت يملأه اليقين: “أطرحوا كل همكم على الله، لأنه هو يعتني بكم. إن إبليس كأسدٍ زائرٍ يجول ملتمساً من يبتلعه، فقاوموه راسخين في الإيمان، عالمين أن إخوتكم في العالم يجتازون نفس الآلام.”

### **الوعد الإلهي بالنصرة**

وفي تلك اللحظة، شعر الجميع بسلامٍ غريبٍ يملأ المكان، وكأن نسمة من الروح القدس مرت بينهم. واختتم بطرس كلامه قائلاً: “إله كل نعمة، الذي دعاكم إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، بعدما تألمتم قليلاً، هو يكملكم، ويثبتكم، ويقويكم، ويمكنكم. له المجد والسلطان إلى الأبد. آمين.”

### **ختام القصة**

غادر المؤمنون المكان وهم يحملون في قلوبهم وعوداً جديدة. بعضهم عاد إلى خدمته في الخفاء، والبعض الآخر استعد لمواجهة السجن أو حتى الموت. لكنهم تذكروا كلمات بطرس: “بعد قليل من الألم، سيكملكم الله في مجده.”

وهكذا، وسط الظلام، أشرق نور الرجاء، لأنهم عرفوا أن رئيس الرعاة قادم، وإكليلهم لا يفنى.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *