**قصة المزمور ٤٩: حكمة في مواجهة الغنى الزائل**
في قديم الأيام، عندما كانت مملكة يهوذا تزدهر تحت حكم ملك تقي، اجتمع الشعب في أورشليم للاحتفال بأحد الأعياد المقدسة. كان الهيكل يلمع تحت أشعة الشمس الذهبية، والكهنة يرتلون ترانيم الشكر. لكن وسط هذا الجو الروحي، كانت هناك مجموعة من الأغنياء والمتكبرين يتفاخرون بثرواتهم، ويستهزئون بالفقراء والمتواضعين.
فجاء إلى الملك رجل حكيم من بني لاوي، اسمه أليآب، وكان معروفًا بحكمته وفهمه لكلمة الرب. قال أليآب للملك: “يا سيدي، اسمع كلماتي، لأن الرب ألهمني أن أتكلم بحكمة لأجل الشعب.” فأذن له الملك، فصعد أليآب إلى إحدى شرفات الهيكل ونادى بصوت عالٍ:
**”اسمعوا هذا يا كل الشعوب، أصغوا يا سكان الأرض، صغارًا وكبارًا، أغنياء وفقراء! لأن فمي سيتكلم بالحكمة، وقلبي سيهتف بالمعرفة.”**
توقف الجميع عن الكلام، حتى الأغنياء المتعجرفون التفتوا إليه باستغراب. فتابع أليآب:
**”لماذا أخاف في أيام الشر، حين يحيط بي فساد المعتدين، المتكلين على غناهم، والمفتخرين بوفرة ثرواتهم؟ لا يقدر إنسان أن يفدي أخاه، ولا يدفع لله كفارة نفسه.”**
ثم أخذ يروي لهم قصة رجل غني اسمه شمشون، كان يعيش في مدينة مجاورة. كان شمشون يمتلك حقولًا شاسعة وقطعانًا لا تُعد، وكان يبني القصور الفاخرة ويلبس أفخر الثياب. كل يوم كان يعقد الولائم، ويقول في نفسه: **”نفسي، لديك خيرات كثيرة مخزونة لسنين عديدة، فاستريحي وكلي واشربي وافرحي!”**
لكن شمشون، في غروره، نسي أن يقول: **”إن شاء الرب.”** وفي ليلة من الليالي، بينما كان نائمًا في سريره المزخرف، جاءه ملاك الموت. فصرخ شمشون في رعب: “انتظر! لدي الذهب والفضة، خذها واتركني!” لكن الملاك أجابه: **”أيها الجاهل، في هذه الليلة تُطلب نفسك منك! فلمن يكون كل ما أعددته؟”**
وهكذا مات شمشون، ولم ينفعه غناه ولا مجده. وحملوه إلى القبر كالبهائم التي تسقط في الحقل. أما الفقير المتوكل على الرب، الذي كان شمشون يحتقرُه، فقد رحل هو الآخر، لكن الملائكة حملت روحه إلى حضن إبراهيم.
ثم ختم أليآب كلامه قائلًا: **”هذه هي نهاية المتكلين على أنفسهم، ومصير الذين يرضون بكلامهم. كالغنم يُقادون إلى الهاوية، والموت يرعاهم. أما الصديقون فسيسودون عليهم عند الفجر، حين يزول جمالهم ويفنون في قبورهم. لكن الله سيفدي نفسي من قبضة الهاوية، لأنه يأخذني إليه.”**
فسقطت هيبة عظيمة على الحاضرين، وتذكروا كلمات داود النبي: **”طوبى للرجل الذي يتكل على الرب، ولا يلتفت إلى المتكبرين.”** ومن ذلك اليوم، بدأ الكثيرون يتعلمون أن الغنى الحقيقي هو مخافة الرب، وأن الحكمة خير من الذهب والفضة.
وهكذا، بقيت كلمات هذا المزمور تتردد في أروقة الهيكل، تذكرةً للأجيال أن **”لا يفتخر الغني بقوته، لأن الإنسان لا يمجد إلا بالله.”**