الكتاب المقدس

معجزة إطعام الآلاف وسير المسيح على الماء

**قصة إطعام الخمسة آلاف والمشي على الماء**

في تلك الأيام، عندما سمع هيرودس حاكم الجليل بخبر يسوع وقوته العجيبة، اضطرب قلبه، لأنه ظن أن يوحنا المعمدان قد قام من الأموات. فقد كان هيرودس قد أمر بقطع رأس يوحنا في السجن بسبب رغبة هيروديا زوجة أخيه، التي حقدت على يوحنا لأنه كان يقول لهيرودس: “لا يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك”. ولكن عندما سمع يسوع بما حدث، انسحب من هناك في قارب إلى مكان خلاء منفردًا، لأنه أراد أن يصلي ويتأمل في هدوء.

لكن الجموع الغفيرة التي سمعت بتحركاته تبعته من كل المدن والقرى المحيطة، مشيًا على الأقدام. فلما خرج يسوع من القارب ورأى ذلك الجمع الكبير، تحنن عليهم، لأنهم كانوا مثل خراف بلا راعٍ. فأخذ يشفي مرضاهم ويعلمهم عن ملكوت الله. وبينما الشمس تميل نحو الغروب، اقترب التلاميذ منه وقالوا: “هذا المكان خلاء، والوقت قد مضى. اصرف الجموع ليشتروا لأنفسهم طعامًا من القرى المجاورة.”

فأجابهم يسوع: “لا حاجة لهم أن ينصرفوا. أعطوهم أنتم ليأكلوا.”
فتحيّروا وقالوا: “ليس عندنا هنا إلا خمسة أرغفة وسمكتان!”
فقال لهم: “هاتوهم إليّ.” ثم أمر الجموع أن يتكئوا على العشب الأخضر الذي كان يكسو الأرض. فأخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفع نظره نحو السماء، وبارك وكسر، ثم أعطى الأرغفة للتلاميذ، والتلاميذ أعطوها للجموع.

وكانت معجزة عظيمة! كل من أكل شبع، ولم يأكل فقط الرجال، بل أيضًا النساء والأطفال. وبعد أن شبع الجميع، جمع التلاميذ ما تبقى من الكسر، فملأوا اثنتي عشرة قفة! وكان عدد الذين أكلوا خمسة آلاف رجل، عدا النساء والأطفال.

**المشي على الماء**

وبعد هذه المعجزة، ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر، بينما هو يصرف الجموع. ثم صعد إلى الجبل منفردًا ليصلي. وعندما حلّ المساء، كانت السفينة في وسط البحر، تضربها الأمواج، لأن الرياح كانت ضدها.

وفي الهزيع الرابع من الليل، جاء إليهم يسوع ماشيًا على الماء. فلما رآه التلاميذ، اضطربوا وخافوا، وظنوا أنه شبح، فصرخوا من الخوف! ولكن يسوع طمأنهم في الحال قائلًا: “تشجعوا! أنا هو. لا تخافوا.”

فأجابه بطرس: “يا سيد، إن كنت أنت هو، فمرني أن آتي إليك على الماء.”
فقال له يسوع: “تعال.” فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتي إلى يسوع. لكنه لما رأى الرياح شديدة، خاف، وبدأ يغرق، فصرخ: “يا سيد، نجني!”

فمدّ يسوع يده في الحال وأمسك به، وقال له: “يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟” ولما دخلا السفينة، سكنت الرياح. فخرّ التلاميذ أمامه وسجدوا له قائلين: “بالحقيقة أنت ابن الله!”

ولما عبروا البحر، وصلوا إلى أرض جنيسارت، فعرفه أهل تلك المنطقة، وأرسلوا إلى جميع ما حولها، فأتوا إليه بكل المرضى، وتوسلوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط، فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء.

وهكذا أظهر يسوع قوته الإلهية، ليس فقط بإشباع الجياع، بل أيضًا بسلطانه على الطبيعة، وتشجيعه لنا أن نثق به في وسط العواصف.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *