**القصة: الدرع الكامل للإيمان**
في مدينة أفسس المزدهرة، حيث كانت الأصنام تملأ الشوارع والعبادات الوثنية تنتشر كالنار في الهشيم، اجتمع المؤمنون بالمسيح في بيت أحد الإخوة ليسمعوا كلمة الرب. كان بولس، رسول المسيح يسوع، قد أرسل رسالة إليهم مليئة بالنصائح الروحية والحقائق السماوية. وكان من بين الحاضرين شابٌ اسمه أليعازر، كان حديث العهد بالإيمان، يتوق إلى فهم كيف يمكنه أن يقف ثابتًا في إيمانه وسط هذه الضغوط.
جلس الجميع في صمتٍ وقور بينما بدأ تيموثاوس، أحد قادة الكنيسة، يقرأ من رسالة بولس: *”أخيرًا يا إخوتي، تقووا في الرب وفي قدرة شدته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقفوا ضد مكايد إبليس.”* (أفسس 6: 10-11).
ارتسمت علامات الدهشة على وجوه الحاضرين، خاصة أليعازر، الذي سأل بتعجب: “كيف نلبس سلاح الله؟ وما هي هذه المكايد التي يتحدث عنها الرسول؟”
ابتسم تيموثاوس وأجاب: “لنقرأ معًا ونفهم عمق هذه الكلمات.” ثم واصل القراءة: *”فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات.”* (أفسس 6: 12).
اهتز أليعازر في مقعده. لطالما ظن أن الصراع هو ضد البشر الذين يضطهدون المؤمنين، لكنه الآن يدرك أن المعركة أعمق من ذلك. إنها حرب روحية خفية، لكنها حقيقية وقوية.
ثم تابع تيموثاوس: *”من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا.”* (أفسس 6: 13).
رفع أحد الشيوخ يديه وقال: “يا إخوة، الرسول بولس يوضح لنا أننا لا نستطيع أن نقف بقوتنا الذاتية. إنما بقوة الرب وحده. ولذلك، فهو يوصينا أن نلبس درع الله الكامل.”
سأل أليعازر بلهفة: “وما هي قطع هذا الدرع؟”
أجاب تيموثاوس وهو يقرأ: *”فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق، ومتزرين بدرع البر، وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام.”* (أفسس 6: 14-15).
شرح أحد المعلمين: “الحق هو الأساس. فبدون الحق، نسقط في الأكاذيب. ودرع البر يحمينا من خطايا العالم، كالدرع الذي يحمي الجندي من السهام. أما الاستعداد بإنجيل السلام، فهو أن نكون دائمًا مستعدين لنشر رسالة المصالحة مع الله، حتى وسط المعارك.”
ثم أكمل تيموثاوس: *”حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله.”* (أفسس 6: 16-17).
قالت امرأة عجوز كانت تجلس في الزاوية بصوتٍ خافت لكنه ثابت: “الإيمان هو ترسنا. فبدونه، تحرقنا سهام الشك والخوف. أما الخلاص فهو رأسنا، الذي يحمينا من أفكار الهزيمة. وكلمة الله هي سلاحنا الهجومي، الذي به نهزم إبليس، كما فعل الرب يسوع عندما جربه في البرية.”
أومأ الجميع موافقين، ثم أنهى تيموثاوس القراءة: *”مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح، وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين.”* (أفسس 6: 18).
أدرك أليعازر في تلك اللحظة أن الصلاة هي سر القوة. فبدونها، يصبح الدرع مجرد طقوس فارغة. لكن بالصلاة، يتشبع المؤمن بقوة الروح القدس.
عندما انتهى الاجتماع، خرج الجميع وقلوبهم مشتعلة بالإيمان. وأخذ أليعازر يتأمل كل كلمة سمعها، عازمًا أن يلبس درع الله الكامل كل يوم، لأنه فهم أخيرًا أن المعركة حقيقية، لكن النصر مؤكد لمن يثبت في الرب.
وهكذا، في وسط مدينة أفسس المظلمة، أضاء المؤمنون كمنائر، محتمين بسلاح الله، واثقين أن الذي فيهم أعظم من الذي في العالم.