في تلك الأيام، عندما كان شاول ملكًا على إسرائيل، كانت الحرب مشتعلة بينه وبين الفلسطينيين. وكان شاول قد طرد العرافين والجانّيين من الأرض، كما أمر الرب. ولكن عندما رأى شاول جيش الفلسطينيين يتراصف أمامه، خاف وخارت قواه، ولم يجد راحة في قلبه. فسأل الرب، ولكن الرب لم يجبه لا بالأحلام ولا بالعُريّ ولا بالأنبياء. فاضطرب شاول جدًا ولم يدرِ ماذا يفعل.
فقال شاول لخدامه: “ابحثوا لي عن امرأة صاحبة جان لأذهب إليها وأسألها.” فأجاب الخدم: “هوذا في عين دور امرأة صاحبة جان.” فتنكّر شاول ولبس ثيابًا أخرى وذهب هو ورجلان معه ليلاً إلى المرأة. وقال لها: “تكلمي لي بالجان وأصعدي لي من أطلبه منك.”
فقالت المرأة: “هوذا أنت تعلم ما فعله شاول، كيف قطع العرافين والجانّيين من الأرض. فلماذا تضع شبكة لحياتي لتميتني؟” فأقسم لها شاول بالرب قائلاً: “حيّ هو الرب، لا يصيبكِ شرّ من أجل هذا الأمر.” فقالت المرأة: “من أصعد لك؟” فقال: “صعدي لي صموئيل.”
فلما رأت المرأة صموئيل صرخت بصوت عالٍ وقالت لشاول: “لماذا خدعتني؟ أنت شاول!” فأجابها الملك: “لا تخافي. ماذا رأيتِ؟” فقالت المرأة: “رأيت آلهة صاعدة من الأرض.” فقال لها: “ما هي صورته؟” فقالت: “رجل شيخ صاعد وهو مغطى بجُبّة.” فعلم شاول أنه صموئيل، فخرّ على وجهه إلى الأرض وسجد.
فقال صموئيل لشاول: “لماذا أزعجتني وأصعدتني؟” فأجاب شاول: “قد ضُقت بي جدًا، لأن الفلسطينيين يحاربونني، والله قد رجع عني ولم يجبني بعد، لا بالأنبياء ولا بالأحلام. فدعوتك لأعلم ماذا أعمل.”
فقال صموئيل: “ولماذا تسألني وأنا قد رُفعت من الأرض، والرب قد صار عدوًا لك وصار مع جارك داود؟ لأن الرب قد فعل بك كما تكلم بفمي، ونزع الرب المملكة من يدك وأعطاها لداود. لأنك لم تسمع لصوت الرب ولم تعمل بغضبه الشديد على عماليق، لذلك فعل الرب بك هذا اليوم. ويسلم الرب إسرائيل أيضًا معك ليد الفلسطينيين، وغدًا أنت وبنوك تكونون معي، والرب يسلم معسكر إسرائيل ليد الفلسطينيين.”
فلما سمع شاول كلام صموئيل، خرّ على الأرض وارتعب جدًا، لأنه لم يأكل طعامًا طوال ذلك النهار والليل. فأتت المرأة إلى شاول ورأت أنه مرتعب جدًا، فقالت له: “هوذا أَمَتك قد سمعت لصوتك، ووضعت حياتي في يديّ وسمعت لكلامك الذي كلمتني به. فالآن اسمع أنت أيضًا لصوت أَمَتك، وأضع قدامك لقمة خبز فكل لتقوى لأنك تسير في الطريق.”
فأبى شاول وقال: “لا آكل.” فألحّ عليه خدامه والمرأة أيضًا، فسمع لهم وقام عن الأرض وجلس على السرير. وكان للمرأة عجل معلوف في البيت، فأسرعت وذبحته وأخذت دقيقًا وعجنته وخبزت فطيرًا. ثم قدمته لشاول وخدامه فأكلوا، ثم قاموا وذهبوا في تلك الليلة.
وهكذا، كان شاول في حالة من اليأس والخوف، وقد أدرك أن نهاية ملكه قريبة، وأن الرب قد ترك يديه. وكانت تلك الليلة ليلة حزن عميق على شاول، الذي أدرك أنه سيقف أمام عدوه بلا قوة ولا نصير.