الكتاب المقدس

الكرمة الحقيقية: وصية المحبة والثبات في المسيح

في ذلك الزمان، كان يسوع المسيح مع تلاميذه في الليل الأخير قبل صلبه. كانوا مجتمعين في علية كبيرة، حيث كانوا يتناولون العشاء الأخير معًا. كان الجو مليئًا بالهدوء والوقار، وكانت قلوب التلاميذ مثقلة بالأفكار والمشاعر. كانوا يعلمون أن شيئًا عظيمًا على وشك الحدوث، لكنهم لم يفهموا تمامًا ما سيأتي.

بدأ يسوع يتحدث إليهم بصوت هادئ وحنون، قائلًا: “أنا الكرمة الحقيقية، وأبي الكرّام. كل غصن فيّ لا يأتي بثمر ينزعه، وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر.”

كانت كلماته تملأ الغرفة بنعمة وحكمة، وكان التلاميذ يصغون بكل اهتمام. ثم أضاف يسوع: “أنتم الآن أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به. اثبتوا فيّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضًا إن لم تثبتوا فيّ.”

كانت عيون التلاميذ تلمع بالتفهم الجزئي، لكنهم كانوا يشعرون بعمق كلماته. ثم واصل يسوع قائلًا: “أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذي يثبت فيّ وأنا فيه يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا. إن كان أحد لا يثبت فيّ يطرح خارجًا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق.”

كانت كلماته تحمل تحذيرًا واضحًا، لكنها كانت أيضًا مليئة بالرجاء. ثم أضاف: “إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي.”

كانت الغرفة تزداد دفئًا بروح المحبة التي كانت تملأها. ثم نظر يسوع إلى تلاميذه بعينين مليئتين بالحب وقال: “كما أحبني أبي كذلك أحببتكم أنا. اثبتوا في محبتي. إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي، كما أني أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته.”

كانت كلماته تلمس قلوب التلاميذ بعمق، وكانوا يشعرون بثقل المسؤولية التي كانت تُلقى على عاتقهم. ثم أضاف يسوع: “قد كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم. هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم. ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه.”

كانت عيون التلاميذ تدمع من شدة التأثر، وكانوا يشعرون بحجم المحبة التي كان يسوع يظهرها لهم. ثم واصل يسوع قائلًا: “أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به. لا أعود أسميكم عبيدًا، لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده. لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي.”

كانت كلماته تملأ قلوبهم بالسلام واليقين، وكانوا يشعرون بأنهم جزء من شيء أكبر وأعظم. ثم أضاف يسوع: “ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم. حتى مهما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم.”

كانت الغرفة تزداد سكينة، وكان التلاميذ يشعرون بأنهم على وشك دخول مرحلة جديدة من حياتهم. ثم ختم يسوع كلامه قائلًا: “بهذا أوصيكم: أن تحبوا بعضكم بعضًا.”

بعد أن انتهى يسوع من كلامه، كان التلاميذ يشعرون بثقل الكلمات التي سمعوها، لكنهم كانوا أيضًا ممتلئين برجاء عظيم. كانوا يعلمون أن طريقهم لن يكون سهلاً، لكنهم كانوا يعلمون أيضًا أنهم لن يكونوا وحدهم أبدًا. كان يسوع معهم، وكانت محبته تثبتهم وتقويهم.

وهكذا، في تلك الليلة المقدسة، بدأت رحلة جديدة لتلاميذ المسيح، رحلة مليئة بالتحديات والمحبة، ولكنها أيضًا مليئة بالفرح والرجاء، لأنهم كانوا يعلمون أنهم جزء من الكرمة الحقيقية، وأنهم مدعوون ليأتوا بثمر كثير لمجد الله.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *