الكتاب المقدس

قصة عزرا وإصلاح الشعب: العودة إلى العهد مع الله

**قصة عزرا وإصلاح الشعب: عودة إلى العهد مع الله**

في أيام عزرا الكاتب، الذي كان رجلاً غيوراً على شريعة الرب، حدث أمرٌ عظيمٌ في أورشليم. فقد عاد بنو إسرائيل من السبي البابلي، بعد أن منحهم الرب نعمة في عيني كورش ملك فارس ليعودوا ويبنوا الهيكل. لكن مع مرور الزمن، بدأ بعض الشعب، حتى من الكهنة واللاويين، يتزوجون نساءً أجنبيات من شعوب الأرض، مخالفين وصية الرب التي حذرتهم من الارتباط بهؤلاء لأنهن سيدعونهم إلى عبادة آلهة أخرى.

وكان عزرا رجلاً متواضعاً، كثير الصلاة والصوم، فحين سمع بهذا الأمر، مزق ثيابه ونتف شعر رأسه ولحيته وجلس منكس الرأس حزيناً حتى وقت التقدمة المسائية. ثم ركع أمام بيت الرب وبكى، واعترف بخطايا الشعب قائلاً:

*”يا إلهي، إني أخجل وأخزي أن أرفع وجهي إليك، لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا، وآثامنا تعاظمت إلى السموات. من أيام آبائنا نحن في ذنب عظيم، وبسبب آثامنا سُلمنا نحن وملوكنا وكهنتنا ليد ملوك الأمم، للسيف والسبي والنهار والخزي كما هو هذا اليوم. والآن، بعد أن منحنا الله نعمة وعاد بنا إلى أرضنا، ها نحن نعصي وصيتك مرة أخرى بالارتباط بشعوب هذه الرجاسات!”*

وبينما كان عزرا يبكي ويعترف، اجتمع حوله جماعة كبيرة من بني إسرائيل، رجالاً ونساءً وأطفالاً، فانطلق بكاؤهم بصوت عالٍ. ثم قام شكنيا بن يحئيل من بني عيلام وقال لعزرا:

*”لقد خنا بإلهنا بتزوجنا نساء أجنبيات، ولكن رغم ذلك، يوجد رجاء لإسرائيل. فلنقطع عهداً مع الله أن نطلق كل النساء الأجنبيات وأولادهن، حسب مشورة الرب ورأيك. قم، فإن الأمر عليك، ونحن معك. تشدد واعمل!”*

فقام عزرا وأقسم كل الشعب أن يفعلوا كما قيل. ثم أعلن في كل يهوذا وأورشليم أن يجتمع كل من سبى إلى أورشليم في ثلاثة أيام، وإلا يُحرَم من الجماعة وتُصادر أملاكه.

وفي اليوم المحدد، بينما كانت السماء تمطر غزيراً، اجتمع الشعب في ساحة الهيكل، مرتعدين من الأمر ومتضرعين إلى الله. فوقف عزرا أمامهم وقال:

*”لقد أخطأتم وتزوجتم نساءً غريبة، فزدتم ذنب إسرائيل. والآن، اعترفوا للرب إله آبائكم واعملوا مرضاته، وانفصلوا عن شعوب الأرض وعن النساء الأجنبيات!”*

فأجاب كل الجماعة بصوت عالٍ: *”كما قلت، هكذا نعمل!”* لكن بسبب المطر الغزير وكثرة الشعب، طلبوا أن يتم الأمر على مدى أيام، حيث يقف كل رجل في المدينة التي يسكن فيها أمام القضاة والكهنة ليحلوا أمر زواجه المخالف.

وهكذا، بدأت عملية الفحص، مدينةً مدينةً. وجاء الكهنة واللاويون وأبناء إسرائيل كل واحدٍ على حدة، واعترفوا بزواجهم المحرم، ووعدوا بإطلاق نسائهم الأجنبيات. ومن بينهم حتى بعض الذين قدموا ذبائح في الهيكل، اعترفوا بخطئهم وندموا.

وبعد أيام، انتهى الأمر، وأرسل كل واحدٍ امرأته وأولاده، وقدم ذبيحة تكفير عن خطيته. وهكذا طهَّر الشعب نفسه وعاد إلى العهد مع الله.

وأخيراً، صلى عزرا شاكراً الرب الذي لان قلب الشعب فتابوا، وقال: *”الرب إلهنا رحيمٌ وغفور، فليكن اسمه مباركاً إلى الأبد!”*

وهكذا تعلم بنو إسرائيل أن الطاعة لله أهم من كل ارتباط بشهوات العالم، وأن التوبة الحقيقية تتطلب فعل الإصلاح، لا الكلام فقط.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *