**قصة مزمور ٦٣: عطش الروح في برية الحياة**
في قديم الأيام، في زمنٍ كانت فيه البراري القاحلة تمتدّ كبحرٍ لا نهاية له، وُجد رجلٌ تقيّ اسمه ألياقيم. كان ألياقيم ملكًا عادلًا يحكم شعبًا في أرضٍ بعيدة، لكنّ قلبه كان دائمًا متعلقًا بالله، كشجرةٍ مغروسةٍ على مجاري المياه. وفي يومٍ من الأيام، ثار عليه أعداؤه، فاضطرّ إلى الفرار إلى البرية، بعيدًا عن قصره وثرائه، ليجد نفسه في صحراء مقفرة، حيث لا ماء ولا ظلّ ولا راحة.
كانت الشمس تُذري حرارتها على الرمال الذهبية، والرياح الجافة تلفح وجهه كلهيب النار. لكنّ ألياقيم، رغم عطش جسده، كان عطش روحه إلى الله أعظم. ففي هدوء الليل، عندما كانت النجوم تتلألأ كشمعدانات في قبة السماء، كان يخرج من خيمته المتواضعة، ويسجد على الرمل الحارق، رافعًا يديه إلى العلاء، ويقول:
**”اللّهمّ، أنت إلهي، إليك أبكّر. عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي، في أرضٍ ناشفةٍ وعطشى بلا ماء.”**
كان يشعر أن قلبه يئنّ كالأرض العطشى التي تنتظر المطر، لكنه كان يعلم أن حضور الله أشفى من كلّ ماء. ففي تلك اللحظات، كان يرى بمُخيّلته قدس الأقداس، حيث مجد الله يملأ الهيكل، وكان يتذكّر أيام العبادة في بيت الرب، حيث كان يرى قوّة الله وعظمته كظلٍّ يُظلله في رحلته الشاقة.
وفي إحدى الليالي، بينما كان يصلّي بتضرع، سمع صوتًا داخليًا كنسيمٍ عليل يقول: **”أنا يكون معك حيثما تذهب.”** فامتلأ قلبه بالتعزية، وكتب بكلماتٍ ملتهبة بنار الإيمان:
**”لأنّ رحمتك خيرٌ من الحياة، شفتاي تسبّحانك. هكذا أباركك في حياتي، وباسمك أرفع يديّ.”**
ومع مرور الأيام، بدأت قوّته تعود إليه، ليس من طعامٍ أو شرابٍ أرضي، بل من مناجاته لله. حتى إنّ أعداءه، الذين كانوا يتربصون به في الخفاء، فوجئوا بأنّ الرجل الذي ظنّوه ضعيفًا أصبح كالأسد الجسور، لأنّ الله كان سنده.
وفي النهاية، عندما عاد ألياقيم إلى مملكته، لم ينسَ أبدًا الدروس التي تعلّمها في البرية. كان يُعلّم شعبه قائلًا:
**”النفس التي تتوق إلى الله كالأرض العطشى، ستروى من ينابيع الفرح الأبدي. لأنّ محبّته أصدق من الحياة، ومن يجده لا يعوزه شيء.”**
وهكذا، أصبحت كلمات مزموره تُرتّل عبر الأجيال، تذكيرًا لكلّ نفسٍ تعاني في برية التجارب، أن الله هو النبع الذي لا ينضب، وهو الظلّ في حرّ الحياة، وهو النور في ظلام الدروب.
**”فالذي يتعلّق بالله كالنخلة المثمرة، لا تخاف من الجفاف، لأنّ جذورها ممتدّة إلى مياه الحياة.”**