**قصة بولس والصراع الداخلي**
في مدينة روما العظيمة، حيث تنتشر الثقافات وتتعانق الأديان، كان هناك رجلٌ اسمه بولس، رسولٌ للمسيح، جالسٌ في غرفته المتواضعة تحت ضوء مصباح زيتي خافت. كان الليل قد أرخى سدوله، والهدوء يلف المكان، لكن قلب بولس كان في عاصفة من الأفكار. أمسك بقلمه وبدأ يكتب برسالة إلى المؤمنين في روما، كاشفًا لهم عن صراعٍ عميق في داخله.
تذكر بولس أيامه الأولى كفريسي متحمس، غيور على الناموس، يحفظ كل وصية ويهتم بأدق التفاصيل. كان يعتقد أن التمسك بالناموس هو طريق البر، لكنه الآن، بعد أن التقى بالمسيح، فهم أن الناموس مقدس وعادل وصالح، ولكنه أيضًا كشف خطيته. قال في نفسه: “الناموس روحي، أما أنا فجسدي، مبيع تحت الخطية.”
بدأ بولس يصف الصراع الذي يعيشه كل إنسان بين الروح والجسد. تخيل رجلاً يحاول أن يسير في طريق مستقيم، لكن قيودًا ثقيلة تكبل قدميه. هذا هو حال الإنسان تحت الناموس. فالناموس يظهر الخطية، لكنه لا يعطي القوة للتغلب عليها. كتب بولس: “إذ أعرف أن الخير لا يسكن فيَّ، أي في جسدي. لأن لي إرادة أن أفعل الحسنى، لكني لا أجد القوة لتنفيذه. فإنني لست أفعل الصالح الذي أريده، بل الشر الذي لست أريده إياه أفعل.”
كان بولس يتألم وهو يكتب هذه الكلمات، لأنه عاش هذا الصراع يوميًا. تذكر اللحظات التي كان يريد فيها أن يغفر، لكن الغضب يتسلل إلى قلبه. أوقاتًا أراد أن يكون متواضعًا، لكن الكبرياء يرفع رأسه. صرخ في داخله: “يا لي من إنسان شقي! من ينقذني من جسد هذا الموت؟”
لكن وسط هذا اليأس، أشرق نور الرجاء. رفع بولس عينيه نحو السماء، وتذكر نعمة الله التي أتت بالمسيح يسوع. فكتب بفرح: “أشكر الله بيسوع المسيح ربنا!” لقد أدرك أن الناموس وحده لا يكفي، لكن النعمة هي التي تعطي القوة. الناموس كان كالمرآة تظهر القذارة، لكن المسيح هو المغسلة التي تطهر.
أخيرًا، وضع بولس القلم، وشعر بسلام يغمر قلبه. عرف أن الصراع لن ينتهي في هذه الحياة، لكن النصرة مؤكدة في المسيح. فالنعمة لا تلغي الناموس، بل تكملها. والله، من خلال روحه القدوس، يعمل في المؤمنين ليريدوا ويعملوا وفقًا لمسرته.
وهكذا، أصبحت رسالة بولس إلى أهل روما نورًا يهدي كل من يعاني من هذا الصراع، reminding them that through Christ, there is victory over sin, not by human strength, but by divine grace.