**قصة اختيار سكان أورشليم في أيام نحميا**
في تلك الأيام العظيمة، بعد أن تمّ بناء أسوار أورشليم وتجديد أبوابها بقيادة نحميا الكاتب، وقف الشعب أمام تحدٍّ جديد. فقد كانت المدينة المقدسة، رغم عظمتها ومجدها، شبه خالية من السكّان. فمعظم بني إسرائيل فضّلوا العيش في القرى المحيطة حيث الحقول الخصيبة والبيوت المريحة، بينما بقيت أورشليم، مدينة الله، تحتاج إلى من يسكنها ويحميها.
فجمع نحميا رؤساء الشعب والكهنة واللاويين، ورفع صوته بالحكمة قائلاً: **”يا إخوتي، إن أورشليم هي مدينة الله العظيمة، ولا يجوز أن تبقى خالية. لقد أعطانا الرب نعمة بإعادة بنائها، والآن يجب أن نملأها بأناس أمناء يخدمون الرب ويحفظون قدسيّتها.”**
ثم اقترع الشعب لاختيار واحد من كل عشرة أشخاص ليقيم في أورشليم. فرح الجميع بهذه الخطة، لأنهم عرفوا أن هذا هو مشيئة الرب. فبدأت العائلات تتقدم، بعضهم برغبة قلبية وبعضهم بالقرعة، لكن الجميع قبلوا القرار بخشوع.
**العائلات الشريفة التي سكنت أورشليم**
كان من بين الذين سكنوا أورشليم رجال أمناء من سبط يهوذا وبنيامين. فمن سبط يهوذا جاء عثايا بن عزيا، حفيد زكريا، من نسل فارص، وكان رجلاً تقياً محبوباً لدى الجميع. وجاء أيضاً معسيا بن باروخ، الذي كان معروفاً بحكمته وغيرة على بيت الرب.
أما من بنييمين، فقد سكن في المدينة شلميا بن حشوب، قائد شجاع، ويويادا بن فلايا، الذي كان حارساً أميناً للبوابات. وكانت عائلاتهم معهم، أطفالاً ونساءً، يملؤون المدينة بالحياة والبركة.
**اللاويون والكهنة الذين خدموا في بيت الرب**
ولم ينسَ الشعب اللاويين والكهنة، خدّام الرب. فقد اختيروا ليقيموا في أورشليم ليكونوا قريبين من الهيكل. فجاء عازر الكاهن، الرجل الأمين في خدمة المذبح، وأخوه مردخاي، الذي كان مشهوراً بتعليمه الشريعة للشعب.
أما اللاويون، فقد تولّوا مسؤولية التسبيح والحراسة. فكان هناك شمعون المغني، الذي كان يرفع صوته بالترانيم الجميلة في كل صباح ومساء. ويشيع بن هودافيا، الذي كان يشرف على خزائن الهيكل ويوزع المحروقات على الكهنة.
**فرح الشعب وبركة الرب**
وهكذا امتلأت أورشليم بالناس الأتقياء، وبدأت الحياة تعود إليها. كان الأطفال يلعبون في شوارعها، والرجال يعملون في تجارتهم، والنساء يعدّن الخبز في بيوتهن. وفي كل يوم، كان صوت التسبيح يعلو من الهيكل، والصلوات ترفع إلى السماء.
وفرح نحميا بالرب، لأنه رأى كيف استجاب الله لصلاته. فكان الشعب يعيش في أمان، والمدينة محروسة برعاية الرب. وتذكّر الجميع كلام داود النبي: **”لأجل إخوتي وأصحابي أطلب الآن سلامك. لأجل بيت الرب إلهنا أطلب خيراً لك.”** (مزمور 122: 8-9).
وهكذا، في تلك الأيام المباركة، تحققت مشيئة الرب، وأصبحت أورشليم مرة أخرى مركز العبادة والحكمة، بفضل إيمان الشعب وطاعتهم. فتبارك اسم الرب إلى الأبد. آمين.