الكتاب المقدس

صرخة الإيمان في زمن الدمار: مزمور ٧٤

**قصة المزمور الرابع والسبعين: صرخة الشعب نحو الله في زمن الدمار**

في أيامٍ قديمة، عندما كانت أورشليم مدينة الله المقدسة تئن تحت وطأة الدمار، اجتمع شعب إسرائيل في خرائب الهيكل، ينظرون إلى ما تبقى من مجد الله الذي دُنس بأيدي الأعداء. كان الهيكل، الذي بناه سليمان بحكمةٍ إلهية، قد تحول إلى ركام. الأبواب المذهبة احترقت، والنقوش المقدسة تحطمت، والأعداء سحقوا كل ما هو مقدس.

كان هناك رجل تقي يُدعى ألياقيم، شيخٌ عجوز عاش أيام مجد الهيكل ورأى بأم عينيه الدمار الذي حلّ به. وقف بين الجماعة المحطمة، ورفع عينيه نحو السماء، وبدأ يصلي بصوتٍ مرتعشٍ من الألم: **”يا الله، لماذا رفضتنا إلى الأبد؟ لماذا يدخن غضبك على غنم رعيتك؟”** (مزمور 74: 1).

تذكر ألياقيم كيف كان الهيكل يمتلئ بترانيم التسبيح، وكيف كان الكهنة يقدمون الذبائح، والرب يبارك شعبه. لكن الآن، صمتٌ مخيف يخيم على المكان. الأعداء، وهم قبائل غريبة متعطشة للدماء، دخلوا قدس الأقداس وهتفوا باسم آلهتهم الوثنية. حطموا المذبح، ونهبوا الكنوز، وتركوا وراءهم علامات العار.

**”جاء أعداؤك يزمجرون في مكان اجتماعك، ورفعوا راياتهم علامة نصر”** (مزمور 74: 4).

كان الشعب يجلس على الأرض، يبكي وينتحب. امرأة تدعى حَنَّة، كانت قد فقدت زوجها وابنها في المعركة، صرخت: **”يا رب، أين مواعيدك؟ أين العهد الذي قطعته مع آبائنا؟”**

لكن ألياقيم، رغم حزنه، لم يفقد رجاءه. نظر إلى السماء وتذكر أعمال الله العظيمة في الماضي. **”أنت يا من شققت البحر بقوتك، وسحقت رؤوس التنانين في المياه. أنت يا من فجرت ينابيع في الصحاري، وأطعمت شعبك بالمنّ من السماء”** (مزمور 74: 13-15).

ثم التفت إلى الشعب وقال: **”لا تنسوا أن الله هو ملك منذ الأزل. هو الذي يمسك بزمام التاريخ. الأعداء قد ينتصرون اليوم، لكن النصر النهائي للرب!”**

رفع الجميع أصواتهم بالصلاة: **”لا تسلم حياتنا للوحوش، ولا تنسَ نفوس المساكين إلى الأبد. انظر إلى العهد، لأن أماكن الظلمة في الأرض امتلأت مساكن عنف”** (مزمور 74: 19-20).

وفي تلك اللحظة، هبت رياحٌ قوية، وكأن السماء استجابت لصراخهم. لم يتغير الوضع فوراً، لكن قلوبهم امتلأت بقوةٍ جديدة. عرفوا أن الله لم يتخلَّ عنهم، بل كان يختبر إيمانهم.

وهكذا، تعلم شعب الله أن يصلي في زمن الدمار، ويثق بأن الرب سيكون ملجأهم، وسينتقم لأجلهم في الوقت المناسب. **”قُم يا الله، حاميًا لقضيتك. تذكر كيف يهزأ الجاهل بك كل يوم. لا تنسَ أصوات أعدائك، ضجيج القائمين عليك الصاعد دائمًا”** (مزمور 74: 22-23).

وبينما كانت الشمس تغرب على أطلال أورشليم، كان الأمل يشرق في قلوب المؤمنين، لأنهم عرفوا أن ربهم حي، وسيعيد بناء ما هُدم، وسيُظهر مجده مرة أخرى لكل الأمم.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *