الكتاب المقدس

رسالة الله لشعبه المتمرد في سفر إشعياء

**قصة إشعياء 1: رسالة الله لشعبه المتمرد**

في أيامٍ قديمة، عندما كانت مملكة يهوذا تتأرجح بين الخطيئة والندم، وقف النبي إشعياء، رجل الله، ليسمع كلمة من السماء. كانت أورشليم، المدينة المقدسة، قد تحولت إلى مكانٍ يشبه سدوم وعمورة، مليئًا بالظلم والفساد. والشعب الذي اختاره الرب لنفسه صار مثل أولادٍ عاقين، نسوا محبة أبيهم السماوي.

وفي يومٍ من الأيام، بينما كان إشعياء يصلي في هدوء الهيكل، انفتحت السماوات، ورأى رؤيا عظيمة. سمع صوت الرب الجليل يهز أعماق قلبه:

**”اسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ، لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ!”**

كانت كلمات الله قويةً كالرعد، تملأ الجو بجلاله. تكلم الرب بحزنٍ عميق، كأبٍ جرحه أبناؤه:

**”رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْا عَلَيَّ!”**

نظر الرب إلى شعبه، فوجدهم قد ابتعدوا عن طريقه. الثيران تعرف صاحبها، والحمار معلف سيده، أما إسرائيل فلا يفهم. لقد أثقلوا الهيكل بذبائح لا حصر لها، لكن قلوبهم كانت بعيدةً عنه. الدماء تملأ المذابح، والدخان يصعد إلى السماء، لكن أعينهم كانت مليئةً بالشر، وأيديهم ملطخةً بدم الأبرياء.

**”لِمَاذَا لِي كَثْرَةُ ذَبَائِحِكُمْ؟”** هكذا قال الرب. **”قَدْ شَبِعْتُ مِنْ مُحْرَقَاتِ كِبَاشٍ وَشَحْمِ مُسَمَّنَاتٍ!”**

لم يعد الرب يطيق طقوسهم الباردة. فما قيمة الذبائح إن كانت القلوب قاسية؟ ما فائدة الصلوات إن كانت الأيدي ملوثة بالظلم؟ كان القضاة يأخذون الرشوة، والأرامل يصرخن دون أن يسمع أحد. الغريب واليتيم كانوا يُظلمون كل يوم، والشعب يظن أن الذبائح تكفر عن خطاياهم دون توبة.

لكن رحمة الله أعظم من خطاياهم. وسط هذا الدمار، مد الرب يده للمصالحة:

**”اِغْسِلُوا. تَنَقَّوْا. اعْزِلُوا شَرَّ أَعْمَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ. كُفُّوا عَنِ الشَّرِّ. تَعَلَّمُوا فِعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. أَقِيلُوا الْيَتِيمَ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ.”**

كانت هذه دعوة للتوبة الحقيقية، لا لمجرد طقوس خارجية. فإن تابوا حقًا، وعدهم الرب بالمغفرة:

**”هَلُمَّ نُحَاجِجْ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ.”**

أما إن أصرّوا على التمرد، فإن الدينونة ستأتي كالسيف القاطع:

**”وَأَرُدُّ يَدِي عَلَيْكِ وَأُنَقِّي خَبَثَكِ بِالْإِثْمِ… وَتَكُونِينَ مُسْتَهْوَنَةً بِالأَرْضِ.”**

لكن وسط هذا التحذير، كانت هناك بصيرة أمل. فبعد التطهير، ستعود أورشليم مدينة العدل، ويُدعى شعب الله “شَجَرَةَ بِرٍّ، غَرْسَ الرَّبِّ لِلتَّمْجِيدِ.”

هكذا انتهت الرؤيا، وخرج إشعياء ليعلن كلمة الرب بشجاعة. فهل يسمع الشعب؟ هل يتوبون؟ الجواب كان بين أيديهم، لأن الرب يريد القلب لا الذبيحة، الطاعة لا الطقوس.

وهكذا تبقى كلمات إشعياء تتردد عبر العصور: **”اِغْسِلوا، تَنَقَّوا، اِبتَعِدوا عن الشَّرِّ، وتَعَلَّموا فِعلَ الخَير.”** لأن هذه هي إرادة الله منذ الأزل.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *